يقول
ابن القيم :
"فصل في قدوم وفد بني المنتفق على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
روينا عن
عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل في
مسند أبيه"، وهو في (4/11، 12) وذكره أيضاً في كتاب
السنة بتحقيق الدكتور
محمد بن سعيد القحطاني رقم (1120).
"قال: كتب إليَّ
إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير الزبيري، قال: كتبتُ إليك بهذا الحديث وقد عرضته وسمعته على ما كتبتُ به إليك، فحدِّث بذلك عني، قال: حدثني
عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي "، فقد قال الإمام
عبد الله بن الإمام أحمد كتب إليَّ فلان، لكن غيره كالإمام
أبي بكر بن خزيمة و
ابن أبي عاصم في
السنة روياه بسند مباشر بصيغة التحديث، فلم يقولا: كتب إلينا، لكن أسانيدهم تلتقي عند
عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي.
قال: "حدثني
عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي، حدثنا
عبد الرحمن بن عياش السمعي الأنصاري، عن
دَلْهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي، عن أبيه، عن عمه
لقيط بن عامر، قال
دلهم : وحدثنيه أيضاً أبي
الأسود بن عبد الله، عن
عاصم بن لقيط، أن
لقيط بن عامر .."، وكنيته
أبو رزين العقيلي، وهو من زعماء بني المنتفق، وهم من قبائل
اليمن، من مذحج، قريباً من قبائل خثعم، وقد جاء على وفد قومه.
قال: "أن
لقيط بن عامر خرج وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه صاحب له يقال له:
نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال
لقيط : فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداة، فقام في الناس خطيباً، فقال: {
أيها الناس! ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام، ألا لتسمعوا اليوم، ألا فهل من امرئ بعثه قومه}، وقد كانت الوفود في تلك الأيام تقدم
المدينة، وذلك عندما دخل الناس في دين الله أفواجاً، فجاءت الوفود تلو الوفود ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخطب مدة أربعة أيام، حتى تجتمع الوفود ليخطب فيهم بموعظة بليغة عامة فيسمع الجميع.
قال: {ألا لتسمعوا اليوم، ألا فهل من امرئ بعثه قومه}، أي: فليسمع وليبلغ قومه.
{فقالوا له: اعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ثَمَّ رجل لعله يلهيه حديثُ نفسه، أو حديث صاحبه، أو يلهيه ضال، ألا إني مسئول، هل بلغت؟ ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا}، يحذرهم النبي صلى الله عليه وسلم من الاشتغال بغيره عندما يتكلم بهذا الكلام العظيم، وبهذه الموعظة البليغة.. أن لا يشغل أحداً منهم حديثُ نفسه أو حديث صاحبه، فلا يعي ما يقوله صلى الله عليه وسلم، أو يلهيه ضال شيطان من شياطين الجن أو الإنس فلا يسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: {ألا اجلسوا، فجلس الناس، وقمت أنا وصاحبي، حتى إذا فرغ لنا فؤاده ونظره}، لقد كانوا متشوفين متطلعين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقام هو وصاحبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (حتى إذا فرغ لنا فؤاده ونظره)، أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم ركز فؤاده وصوب نظره على هذين الرجلين.